مصر: كارثة حقوق الإنسان سببها غياب الإرادة السياسية وليس الافتقار لاستراتيجية وطنية لتبييض الوجه

إن احترام حقوق الإنسان في دولة مثل مصر، حيثما تنتهك مؤسسات وأجهزة الدولة يوميًا أبسط مبادئ حقوق الإنسان في الحياة والحق في سلامة الجسد والحصول على العدل والإنصاف، يتطلب في المقام الأول احترام رئيس الجمهورية لروح ونص الدستور الذي أقسم يمين الولاء له، والذي تضمن موادًا –لو التزم الرئيس بها– سوف توفر قدرًا معقولًا من ضمانات حقوق الإنسان. كما يتطلب أيضًا احترام الرئيس لالتزامات مصر الدولية بمقتضى اتفاقيات حقوق الإنسان، والتوصيات التي قبلتها مصر في الاستعراض الدولي الشامل لملفها الحقوقي بالأمم المتحدة في دورته الثالثة في 2019.

أن المنظمات الحقوقية الموقعة على هذا البيان تعتقد أن الأزمة الأساسية في كارثة حقوق الإنسان بمصر لا تتعلق بغياب استراتيجية وطنية تخيلية الطابع «لغسيل السمعة وتبييض الوجه»، بل تتمثل في العصف بدولة القانون، وغياب الإرادة السياسية لرئاسة الجمهورية لاحترام حقوق الإنسان. فالسيد رئيس الجمهورية عبَّر بنفسه، في أكثر من مناسبة، عن عدم احترامه لحقوق الإنسان بمفهومها العالمي الوارد في المواثيق الدولية المصدقة عليها مصر؛ بدعوى نقص الثقافة والوعي لدى المصريين مقارنةً بالمواطنين الأوربيين. فضلًا عن دفاعه عن تطبيق عقوبة الإعدام بشكل موسع، الأمر الذي جعل مصر مؤخرًا ثالث أكثر دول العالم تنفيذًا لأحكام الإعدام، بمعدل بلغ في 2020 أكثر من 100 حالة، وما يقارب 80 حالة على مدار  النصف الأولمن العام الجاري.

وتضيف المنظمات أنه على مدار السنوات الست الماضية، تم تقويض كافة مؤسسات الدولة –خاصةً المؤسستين القضائية والتشريعية– وإضعافها لصالح السلطة التنفيذية متمثلةً في رئيس الجمهورية، الأمر الذي أدى لغياب أي توازن بين السلطات، وجعل سلطات الرئيس والأجهزة الأمنية مطلقة ودون رقابة من أي مؤسسات أخرى، بما في ذلك البرلمان والقضاء والإعلام والأحزاب السياسية والنقابات المهنية والعمالية، فضلًا عن التضييق والخنق المتواصل للمنظمات الحقوقية المستقلة.

فعلى سبيل المثال؛ لم تعد مشكلة الحبس الاحتياطي المطول في مصر مقتصرةً فقط على التشريع، أو عدم الالتزام بالحد الأقصى لمدته، بل تعمقت المشكلة فيما بات يعرف بتدوير المحبوسين احتياطيًا على ذمة قضايا جديدة قبل أو بعد انقضاء المدة القصوى للحبس الاحتياطي، اعتمادًا على اتهامات هزلية بتمويل الإرهاب ونشر أخبار كاذبة أثناء فترة سجنهم. ومؤخرًا أصبح إحالة المحبوسين احتياطيًا للمحاكم الجنائية، تمهيدًا لإصدار أحكام بالسجن بحقهم، نمطًا جديدًا فرضته الأجهزة الأمنية تعسفيًا بإرادتها المنفردة  في عدد من القضايا، مثل قضية الأمل، ومثلما حدث مؤخرًا مع الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح رئيس حزب مصر القوية ونائبه محمد القصاص، أو مع الزميلات والزملاء بالتنسيقية المصرية لحقوق الإنسان على سبيل المثال لا الحصر.

إن تلك الانتهاكات وغيرها من جرائم حقوق الإنسان المرتكبة يوميًا في مصر ليست بسبب غياب استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان، ولكنها في المقام الأول بسبب غياب الإرادة السياسية لاحترام هذه الحقوق ودولة القانون، وإطلاق يد الأجهزة الأمنية في العصف بهما دون رقيب أو حسيب.

المنظمات الموقعة:

  • مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
  • الجبهة المصرية لحقوق الإنسان
  • المنبر المصري لحقوق الإنسان
  • كوميتي فور جستس
  • مبادرة الحرية
  • سيناء لحقوق الانسان
شارك:
Print Friendly, PDF & Email

أخبار متعلقة

بيان تأسيس المنبر المصري لحقوق اﻹنسان

أعلن اليوم عن تأسيس المنبر المصري لحقوق اﻹنسان كتجمع مستقل للمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان المصريين، الذين يجمعهم إيمان لا يتجزأ بالقيم العالمية لحقوق الإنسان، ورؤية عامة مشتركة لضرورة تأسيس نظام سياسي في مصر يقوم على احترام مبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية والمواطنة، والسعي إلى التنسيق والعمل سوياً على المستويات اﻹقليمية والدولية والمحلية لمواجهة التدني الغير مسبوق لحالة حقوق الإنسان في مصر، والتي تراكمت تداعياتها على مدار السنوات التي أعقبت ثورة يناير 2011، ووصلت لذروتها  تحت نظام حكم عبد الفتاح السيسي منذ ٣ يوليو ٢٠١٣ حين كان وزيرا للدفاع.

المنبر المصري لحقوق الانسان و+٢٠ منظمة حقوق الإنسان تحث قادة بلجيكا واليونان وإيطاليا والاتحاد الأوروبي على تعزيز حقوق الإنسان وضمان العدالة والاستدامة في العلاقات مع مصر

نحن – منظمات المجتمع المدني الموقعة أدناه – نتواصل مع سيادتكم قبل زيارتكم لفخامة الرئيس المصري، السيد عبد الفتاح السيسي،